
قتلى وجرحى مدنيين في أبو زبد بغرب كردفان وانهيار الخدمات الطبية
تشهد مدينة أبو زبد بولاية غرب كردفان، منذ مطلع يوليو 2025، هجمات جوية متكررة تقوم بها طائرات تابعة للقوات المسلحة السودانية وقصف شبه يومي بالطائرات المسيّرة. وقد أسفرت هذه الهجمات عن سقوط عدد من القتلى والجرحى من المدنيين في وقت يشهد فيه الوضع الإنساني والطبي بالمدينة تدهوراً حاداً وفقاً لمصادر محلية
تستضيف مدينة أبو زبد، التي تقع على بعد حوالي 180 كلم جنوب غرب الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، أعداداً كبيرة من النازحين القادمين من مناطق هبيلا، والدلنج، وأم روابة، والرهد، والدبّنجة، والدبيبات، والنهود، والخوي، والخرطوم، ومدني، خاصة النساء والأطفال. ومع زيادة أعداد النازحين، يعاني مستشفى المدينة من نقص مريع في الخدمات الطبية، حيث يفتقر إلى الأدوية والمحاليل والكوادر الطبية وأجهزة الإنعاش، ما يجعل عدد القتلى مرشحاً للارتفاع بسبب الإصابات الخطيرة
بلغ التصعيد ذروته يومي الخميس 10 يوليو والجمعة 11 يوليو، حيث استهدفت الهجمات مراكز إيواء للنازحين وأحياء سكنية راح ضحيتها 15 شخص مع إصابات عديدة. ففي العاشر من يوليو، أصابت غارة جوية نفّذتها طائرة تابعة للقوات المسلحة مركز إيواء مدرسة أسامة بن زيد في حي الربع الاول وكذلك مدرسة الوفاق في حي امتداد الواحة، إضافة إلى منازل مجاورة. وقد أدت هذه الغارة إلى استشهاد ثمانية أشخاص تراوحت أعمارهم بين 5 و60 عاماً، من النازحين والسكان المحليين وهم سكرتيرة الباشا حسن، 60 سنة، نازحة من هبيلا؛ مريم بليلة الوكيل، 45 سنة، نازحة من هبيلا؛ نسرين ميرغني أحمد، 19 سنة ، نازحة من أم درمان؛ حنان قادم، 19 سنة، نازحة من أم درمان؛ إسماعيل عبد الحميد الحاج، 16 سنة، مقيم، إبراهيم (ضيف)، 16 سنة؛ مصطفى عبد الحميد الحاج، 5 سنوات، مقيم؛ ومصطفى إبراهيم مصطفى، 12 سنة، مقيم في البلدة. كما أوردت التقارير أسماء 6 جرحي، منهم 3 طفلات وسيدة
في يوم الجمعة 11 يوليو، استهدفت القوات المسلحة السودانية امتداد الواحة وهو حي سكني مدني وسط المدينة بإلقاء أربعة براميل متفجرة، أسفرت عن مقتل سبعة أشخاص، من بينهم ثلاث نازحات من مدينة الدلنج وأربعة مواطنين من مدينة أبو زبد، وعدد من المصابين، إصابات بعضهم حرجة، في ظل غياب الإمكانيات الطبية الأساسية
وفي حادثة مأساوية أخرى يوم الاثنين 14 يوليو 2025 في أبو قلب بمحلية أبو زبد، بولاية غرب كردفان، تعرّض منزل المواطن عبد الله شلبي عبد الله لقصف بالطيران. وقالت تقارير تحقق منها المرصد السوداني أن الغارة أسفرت عن مقتل أربعة من أفراد الأسرة والجيران ثلاثة منهم من الأطفال والطفلات. وأفاد شهود عيان أن نفس الطائرة أسقطت برميلاً آخر في ملعب لكرة القدم وسط المدينة
يعكس هذا الاستخدام المتزايد وغير المنضبط للمسيّرات في إدارة العمليات العسكرية عدم التمييز الواضح بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وللعرف الدولي، ويزيد من معاناة السكان المدنيين ويقوّض فرص حمايتهم في سياق النزاع المستمر
يُعد استهداف الأعيان المدنية والمدنيين، والمراكز المعلومة بوصفها ملاجئ للنازحين، انتهاكاً صارخاً لاتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الثاني لعام ١٩٧٧ المنطبق في حالة النزاعات الداخلية غير الدولية لا سيما المادة ١٣ التي تستوجب حمایة الأشخاص المدنیين حمایة عامة من الأخطار الناجمة عن العملیات العسكریة. كذلك تستوجب المادة ١٤ حمایة الأعیان التي لا غنى عنھا لبقاء السكان المدنیین على قید الحیاة
هذه الجرائم المنظمة والواسعة النطاق تستوجب التحقيق العاجل من القوات المسلحة السودانية. خاصة وأنها جرائم ربما ترقى إلى جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، خاصة وأنها اتسمت بالتكرار والتعمد واستهداف المناطق المكتظة بالسكان
يطالب المرصد السوداني لحقوق الانسان بفتح تحقيق دولي عاجل، وأن تسمح أطراف القتال للجنة تقصي الحقائق الدولية التابعة للأمم المتحدة بزيارة المنطقة وتوثيق هذه الانتهاكات. كما يطالب المرصد كافة الأطراف المعنية بالضغط على الأطراف المتقاتلة للالتزام بمبادئ القانون الإنساني الدولي والقانون العرفي الدولي ووقف استهداف المدنيين ومراكز الإيواء فوراً. وندعو منظمات الإغاثة، خاصة مكتب الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية والصليب الأحمر، إلى التحرك العاجل وإرسال وتسهيل إرسال مساعدات طبية إلى مستشفى أبوزبد، والتفاوض مع المقاتلين لفتح ممرات إنسانية لإجلاء الحالات الحرجة
خلفية
تأتي هذه الهجمات في ظل تدهور الوضع الأمني في كردفان عامةً. إذ صحب القتال بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع انتهاكات واسعة في بلدات وقرى الإقليم. وقد أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بوقوع هجمات وحشية على قرى في منطقة بارا بولاية شمال كردفان، في الفترة ما بين 10 و13 يوليو، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 300 شخص، بمن فيهم أطفال ونساء حوامل. كما أعرب عن قلقه إزاء عن تجدد القصف في الأبيض، عاصمة الولاية، مما يعمق المخاوف وانعدام الأمن بين المدنيين
وتفيد تقارير تلقاها المرصد السوداني لحقوق الإنسان أن إقليم كردفان شهد خلال مايو ويونيو ويوليو تزايداًً خطيراً في استخدام الطائرات المسيّرة من قبل القوتين المتحاربتين، أي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، ما أدى إلى وقوع خسائر جسيمة في صفوف المدنيين، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان. وكذلك تضررت البنية التحتية المدنية. وقد أبرزت التقارير عدداً من حالات القصف الجوي، قُتل فيها أطفال وسيدات ومسنين من النازحين والمقيمين. كما استهدفت هجمات المسيرات مستشفى في الأبيض ومواقع مدنية أخرى